في بوادر نشأة جماعات الدين السياسي في المغرب
تمثل جماعات "الإسلام السياسي"
ثقلا أضاف معادلات جديدة إلى قواعد اللعبة السياسية في المغرب. إن التأمل في تلك
الظاهرة ينتهي بنا إلى الإقرار بكونها لا تمثل بنية موحدة على المستوى السوسيولوجي؛
لأنها تمثل ظواهر عدة قابلة للدراسة والرصد. وعلى أساسه فقد انطبعت الحياة
السياسية بتحولات عدة،
تفاعلا مع هذا المتغير السياسي، واستجابة لشروط المرحلة.
يشكل "الإسلام السياسي"،
بغض النظر عن توجهه الإيديولوجي وخطه العملي، تحديا مباشرا للمجال الملكي المحفوظ
الذي اتسعت المساعي وأمعنت السياسات الدينية في احتوائه. وأمام تعدد تعبيرات الدين
السياسي في المغرب،
وبالنظر إلى عمق الضجة التي أحدثتها تفجيرات الدار البيضاء لـ 16 ماي 2003، وما
أعقبها من أعمال مماثلة، مرورا بأحداث الدار البيضاء لسنة 2007[1]،
إلى أحداث أركانة التي استهدفت العمق السياحي بالمغرب في 28 أبريل 2011، فقد أولت العديد
من الدراسات اهتماما أوسع بالظاهرة، وأفردتها بمزيد من التحليل والرصد. وعلى نحو العموم، تميزت مقارباتها تلك بين قراءات تدنيسية تسعى جاهدة إلى
شيطنة الظاهرة، وأخرى تقديسية[2]،
وهناك صنف ثالث تمثله المقاربات الأكاديمية المقيدة بالضوابط العلمية، وبمعايير الموضوعية، وبصرامة البحث الميداني.
ولما كان من المستبعد استقامة
البحث دون تناول جماعات الدين السياسي التي يستحيل فهم الحقل السياسي بالمغرب إذا
صرف النظر عنها، فقد كان لزاما إفراد هذا الفصل لبحث الظاهرة بغاية الوقوف عند
تحليل نتائج المعاينة الإحصائية فيما له علاقة بموضوع الدراسة، وفي حدودها الإشكالية. من دون أن ندعي أنه يمثل محاولة
جامعة ومحيطة بتفصيل البحث في قضية تمتلك من التعقد ما يخرجها عن نطاق سيطرة البحوث
الانفرادية، فضلا عن كون هذه المحاولة ستظل مقيدة بشرط البحث الميداني الذي يلزم
النظر في ما تتيحه قاعدة البيانات، مورد الدراسة الاستعلامي الأول. ناهيك عن كون المنهج
التكاملي المعتمد من قبل الدراسة يجعل من هذا الفصل خطوة تركيبية لتجميع عناصر
الأطروحة المعرفية كما يتم التدليل عليها.
[2]
نرى أن كلتا
القراءتين أتيتا مثقلتين بالبعد الإيديولوجي لذاتية الباحث، وهو ما أثر على
مصداقيتهما العلمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق